Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة الرعد - الآية 4

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُّتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِّنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَىٰ بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَىٰ بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (4) (الرعد) mp3
وَقَوْله " وَفِي الْأَرْض قِطَع مُتَجَاوِرَات " أَيْ أَرَاضٍ يُجَاوِر بَعْضهَا بَعْضًا مَعَ أَنَّ هَذِهِ طَيِّبَة تُنْبِت مَا يَنْفَع النَّاس وَهَذِهِ سَبِخَة مَالِحَة لَا تُنْبِت شَيْئًا هَكَذَا رُوِيَ عَنْ اِبْن عَبَّاس وَمُجَاهِد وَسَعِيد بْن جُبَيْر وَالضَّحَّاك وَغَيْر وَاحِد وَمَدْخَل فِي هَذِهِ الْآيَة اِخْتِلَاف أَلْوَان بِقَاع الْأَرْض فَهَذِهِ تُرْبَة حَمْرَاء وَهَذِهِ بَيْضَاء وَهَذِهِ صَفْرَاء وَهَذِهِ سَوْدَاء وَهَذِهِ مُحَجَّرَة وَهَذِهِ سَهْلَة وَهَذِهِ مُرَمَّلَة وَهَذِهِ سَمِيكَة وَهَذِهِ رَقِيقَة وَالْكُلّ مُتَجَاوِرَات فَهَذِهِ بِصِفَتِهَا وَهَذِهِ بِصِفَتِهَا الْأُخْرَى فَهَذَا كُلّه مِمَّا يَدُلّ عَلَى الْفَاعِل الْمُخْتَار لَا إِلَه إِلَّا هُوَ وَلَا رَبّ سِوَاهُ وَقَوْله " وَجَنَّات مِنْ أَعْنَاب وَزَرْع وَنَخِيل " يَحْتَمِل أَنْ تَكُون عَاطِفَة عَلَى جَنَّات فَيَكُون" وَزَرْع وَنَخِيل " مَرْفُوعِينَ وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون مَعْطُوفًا عَلَى أَعْنَاب فَيَكُون مَجْرُورًا وَلِهَذَا قُرَأَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا طَائِفَة مِنْ الْأَئِمَّة وَقَوْله " صِنْوَان وَغَيْر صِنْوَان " الصِّنْوَان هُوَ الْأُصُول الْمُجْتَمِعَة فِي مَنْبَت وَاحِد كَالرُّمَّانِ وَالتِّين وَبَعْض النَّخِيل وَنَحْو ذَلِكَ وَغَيْر الصِّنْوَان مَا كَانَ عَلَى أَصْل وَاحِد كَسَائِرِ الْأَشْجَار وَمِنْهُ سُمِّيَ عَمّ الرَّجُل صِنْو أَبِيهِ كَمَا جَاءَ فِي الصَّحِيح أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِعُمَرَ " أَمَا شَعَرْت أَنَّ عَمّ الرَّجُل صِنْو أَبِيهِ " وَقَالَ سُفْيَان الثَّوْرِيّ وَشُعْبَة عَنْ أَبَى إِسْحَاق عَنْ الْبَرَاء رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : الصِّنْوَان هِيَ النَّخَلَات فِي أَصْل وَاحِد وَغَيْر الصِّنْوَان الْمُتَفَرِّقَات وَقَالَهُ اِبْن عَبَّاس وَمُجَاهِد وَالضَّحَّاك وَقَتَادَة وَعَبْد الرَّحْمَن بْن زَيْد بْن أَسْلَم وَغَيْر وَاحِد وَقَوْله " تُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِد وَنُفَضِّل بَعْضهَا عَلَى بَعْض فِي الْأُكُل " قَالَ الْأَعْمَش عَنْ أَبِي صَالِح عَنْ أَبِي هُرَيْرَة عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " وَنُفَضِّل بَعْضهَا عَلَى بَعْض فِي الْأُكُل" قَالَ " الدَّقَل وَالْفَارِسِيّ وَالْحُلْو وَالْحَامِض " رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَقَالَ حَسَن غَرِيب أَيْ هَذَا الِاخْتِلَاف فِي أَجْنَاس الثَّمَرَات وَالزُّرُوع فِي أَشْكَالهَا وَأَلْوَانهَا وَطُعُومهَا وَرَوَائِحهَا وَأَوْرَاقهَا وَأَزْهَارهَا فَهَذَا فِي غَايَة الْحَلَاوَة وَهَذَا فِي غَايَة الْحُمُوضَة وَذَا فِي غَايَة الْمَرَارَة وَذَا عَفْص وَهَذَا عَذْب وَهَذَا جَمْع وَهَذَا وَهَذَا ثُمَّ يَسْتَحِيل إِلَى طَعْم آخَر بِإِذْنِ اللَّه تَعَالَى وَهَذَا أَصْفَر وَهَذَا أَحْمَر وَهَذَا أَبْيَض وَهَذَا أَسْوَد وَهَذَا أَزْرَق وَكَذَلِكَ الزُّهُورَات مَعَ أَنَّهَا كُلّهَا تَسْتَمِدّ مِنْ طَبِيعَة وَاحِدَة وَهُوَ الْمَاء مَعَ هَذَا الِاخْتِلَاف الْكَبِير الَّذِي لَا يَنْحَصِر وَلَا يَنْضَبِط فَفِي ذَلِكَ آيَات لِمَنْ كَانَ وَاعِيًا وَهَذَا مِنْ أَعْظَم الدَّلَالَات عَلَى الْفَاعِل الْمُخْتَار الَّذِي بِقُدْرَتِهِ فَاوَتَ بَيْن الْأَشْيَاء وَخَلَقَهَا عَلَى مَا يُرِيد وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى " إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ " .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • الدعوة إلى الله فوائد وشواهد

    الدعوة إلى الله فوائد وشواهد: قال المصنف - حفظه الله -: «فإن الدعوة إلى الله من أعظم القربات وأجل الطاعات. وسبق أن قدمت حلقتين في بث مباشر من إذاعة القرآن الكريم بالرياض بعنوان: «الدعوة إلى الله فوائد وشواهد». وقد رغب بعض الإخوة أن تخرج في كتيب تعميمًا للفائدة».

    الناشر: دار القاسم - موقع الكتيبات الإسلامية http://www.ktibat.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/229627

    التحميل:

  • علاقات الكبار: النبي محمد يقدم أخاه المسيح للبشرية [ عليهما الصلاة والسلام ]

    « علاقات الكبار: النبي محمد يقدم أخاه المسيح للبشرية »: إصدار من ضمن إصدارات مشروع الكتب العالمية عن الإسلام والمملكة العربية السعودية، وقد تم ترجمته إلى العديد من اللغات منها الإنجليزية، والفرنسية، والدانماركية. ويحتوي الكتاب على ستة فصول: تحدث المؤلف في الفصل الأول عن وحدة المبادئ الأساسية في النبوة. أما الفصل الثاني فخصصه المؤلف لكيفية تقديم النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - أخاه المسيح - عليه السلام - للبشرية. وفي الفصل الثالث يقدم المؤلف أدلة من القرآن الكريم تؤكد طهارة مريم وتشهد بعذريتها وطهارتها وعصمتها من مس الرجال. وهي المبشرة بالمولود العظيم الوجيه، وهي المرفوع ذكرها في القرآن. وفي الفصل الرابع استعرض المؤلف تقديم النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - أخيه النبي موسى - عليه السلام -، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - حث المسلمين على صيام يوم عاشوراء، وهو اليوم الذي نجي فيه موسى - عليه السلام -. وفي الفصل الخامس تحدث المؤلف عن الجمال والحب في كلمات النبي وأفعاله، وختم المؤلف كتابه بفصل يتحدث عن مقام - النبي صلى الله عليه وسلم - عند ربه ومكانته عند المسلمين.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/57259

    التحميل:

  • أعلام السنة المنشورة في اعتقاد الطائفة المنصورة [ 200 سؤال وجواب في العقيدة ]

    أعلام السنة المنشورة في اعتقاد الطائفة المنصورة [ 200 سؤال وجواب في العقيدة ]: شرح لعقيدة أهل السنة و الجماعة في هيئة مبسطة على شكل سؤال وجواب.

    الناشر: موقع الإسلام http://www.al-islam.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/1876

    التحميل:

  • منهاج المسلم الصغير

    كتاب يحتوي على رسومات توضيحية وجداول وتقسيمات لتعليم أحكام الطهارة والصلاة للأطفال.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/328241

    التحميل:

  • مجالس شهر رمضان

    مجالس شهر رمضان : فهذه مجالس لشهر رمضان المبارك تستوعب كثيرا من أحكام الصيام والقيام والزكاة، وما يناسب المقام في هذا الشهر الفاضل، رتبتُها على مجالس يومية أو ليلية، انتخبت كثيرا من خطبها من كتاب " قرة العيون المبصرة بتلخيص كتاب التبصرة " مع تعديل ما يحتاج إلى تعديله، وأكثرت فيها من ذكر الأحكام والآداب لحاجة الناس إلى ذلك.

    الناشر: موقع الإسلام http://www.al-islam.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/144934

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة