Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة النحل - الآية 8

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً ۚ وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (8) (النحل) mp3
هَذَا صِنْف آخَر مِمَّا خَلَقَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لِعِبَادِهِ يَمْتَنّ بِهِ عَلَيْهِمْ وَهُوَ الْخَيْل وَالْبِغَال وَالْحَمِير الَّتِي جَعَلَهَا لِلرُّكُوبِ وَالزِّينَة بِهَا وَذَلِكَ أَكْبَر الْمَقَاصِد مِنْهَا وَلَمَّا فَصَّلَهَا مِنْ الْأَنْعَام وَأَفْرَدَهَا بِالذِّكْرِ اِسْتَدَلَّ مَنْ اِسْتَدَلَّ مِنْ الْعُلَمَاء مِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى تَحْرِيم لُحُوم الْخَيْل بِذَلِكَ عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ فِيهَا كَالْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَة رَحِمَهُ اللَّه وَمَنْ وَافَقَهُ مِنْ الْفُقَهَاء بِأَنَّهُ تَعَالَى قَرَنَهَا بِالْبِغَالِ وَالْحَمِير وَهِيَ حَرَام كَمَا ثَبَتَتْ بِهِ السُّنَّة النَّبَوِيَّة وَذَهَبَ إِلَيْهِ أَكْثَر الْعُلَمَاء وَقَدْ رَوَى الْإِمَام أَبُو جَعْفَر بْن جَرِير : حَدَّثَنِي يَعْقُوب حَدَّثَنَا اِبْن عُلَيَّة أَنْبَأَنَا هِشَام الدَّسْتُوَائِيّ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن أَبِي كَثِير عَنْ مَوْلَى نَافِع بْن عَلْقَمَة عَنْ اِبْن عَبَّاس أَنَّهُ كَانَ يَكْرَه لُحُوم الْخَيْل وَالْبِغَال وَالْحَمِير وَكَانَ يَقُول : قَالَ اللَّه تَعَالَى " وَالْأَنْعَام خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْء وَمَنَافِع وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ " فَهَذِهِ لِلْأَكْلِ " وَالْخَيْل وَالْبِغَال وَالْحَمِير لِتَرْكَبُوهَا " فَهَذِهِ لِلرُّكُوبِ وَكَذَا رُوِيَ مِنْ طَرِيق سَعِيد بْن جُبَيْر وَغَيْره عَنْ اِبْن عَبَّاس بِمِثْلِهِ . وَقَالَ مِثْل ذَلِكَ الْحَكَم بْن عُيَيْنَة أَيْضًا رَضِيَ اللَّه عَنْهُ وَاسْتَأْنَسُوا بِحَدِيثٍ رَوَاهُ الْإِمَام أَحْمَد فِي مُسْنَده : حَدَّثَنَا يَزِيد بْن عَبْد رَبّه حَدَّثَنَا بَقِيَّة بْن الْوَلِيد حَدَّثَنَا ثَوْر بْن يَزِيد عَنْ صَالِح بْن يَحْيَى بْن الْمِقْدَام بْن مَعْد يَكْرِب عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدّه عَنْ خَالِد بْن الْوَلِيد رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ : نَهَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَكْل لُحُوم الْخَيْل وَالْبِغَال وَالْحَمِير وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَهْ مِنْ حَدِيث صَالِح بْن يَحْيَى بْن الْمِقْدَام وَفِيهِ كَلَام وَرَوَاهُ أَحْمَد أَيْضًا مِنْ وَجْه آخَر بِأَبْسَط مِنْ هَذَا وَأَدَلّ مِنْهُ فَقَالَ : حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن عَبْد الْمَلِك حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن حَرْب حَدَّثَنَا سُلَيْمَان بْن سُلَيْم عَنْ صَالِح بْن يَحْيَى بْن الْمِقْدَام عَنْ جَدّه الْمِقْدَام بْن مَعْد يَكْرِب قَالَ : غَزَوْنَا مَعَ خَالِد بْن الْوَلِيد الصَّائِفَة فَقَدِمَ أَصْحَابنَا إِلَى اللَّحْم فَسَأَلُونِي رَمْكَة فَدَفَعْتهَا إِلَيْهِمْ فَحَبَلُوهَا وَقُلْت مَكَانكُمْ حَتَّى آتِي خَالِدًا فَأَسْأَلهُ فَأَتَيْته فَسَأَلْته فَقَالَ : غَزَوْنَا مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَزْوَة خَيْبَر فَأَسْرَعَ النَّاس فِي حَظَائِر يَهُود فَأَمَرَنِي أَنْ أُنَادِي الصَّلَاة جَامِعَة وَلَا يَدْخُل الْجَنَّة إِلَّا مُسْلِم ثُمَّ قَالَ " أَيّهَا النَّاس إِنَّكُمْ قَدْ أَسْرَعْتُمْ فِي حَظَائِر يَهُود أَلَا لَا يَحِلّ أَمْوَال الْمُعَاهَدِينَ إِلَّا بِحَقِّهَا وَحَرَام عَلَيْكُمْ لُحُوم الْحُمُر الْأَهْلِيَّة وَخَيْلهَا وَبِغَالهَا وَكُلّ ذِي نَاب مِنْ السِّبَاع وَكُلّ ذِي مِخْلَب مِنْ الطَّيْر " وَالرَّمْكَة هِيَ الْحُجْرَة وَقَوْله حَبَلُوهَا أَيْ أَوْثَقُوهَا فِي الْحَبْل لِيَذْبَحُوهَا وَالْحَظَائِر الْبَسَاتِين الْقَرِيبَة مِنْ الْعُمْرَان وَكَأَنَّ هَذَا الصَّنِيع وَقَعَ بَعْد إِعْطَائِهِمْ الْعَهْد وَمُعَامَلَتهمْ عَلَى الشَّطْر وَاَللَّه أَعْلَم . فَلَوْ صَحَّ هَذَا الْحَدِيث لَكَانَ نَصًّا فِي تَحْرِيم لُحُوم الْخَيْل وَلَكِنْ لَا يُقَاوِم مَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ جَابِر بْن عَبْد اللَّه قَالَ : نَهَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ لُحُوم الْحُمُر الْأَهْلِيَّة وَأَذِنَ فِي لُحُوم الْخَيْل . وَرَوَاهُ الْإِمَام أَحْمَد وَأَبُو دَاوُد بِإِسْنَادَيْنِ كُلّ مِنْهُمَا عَلَى شَرْط مُسْلِم عَنْ جَابِر قَالَ : ذَبَحْنَا يَوْم خَيْبَر الْخَيْل وَالْبِغَال وَالْحَمِير فَنَهَانَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْبِغَال وَالْحَمِير وَلَمْ يَنْهَنَا عَنْ الْخَيْل. وَفِي صَحِيح مُسْلِم عَنْ أَسْمَاء بِنْت أَبِي بَكْر رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا قَالَتْ : نَحَرْنَا عَلَى عَهْد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَسًا فَأَكَلْنَاهُ وَنَحْنُ بِالْمَدِينَةِ فَهَذِهِ أَدَلّ وَأَقْوَى وَأَثْبَت وَإِلَى ذَلِكَ صَارَ جُمْهُور الْعُلَمَاء مَالِك وَالشَّافِعِيّ وَأَحْمَد وَأَصْحَابهمْ وَأَكْثَر السَّلَف وَالْخَلَف وَاَللَّه أَعْلَم . وَقَالَ عَبْد الرَّزَّاق أَنْبَأَنَا اِبْن جُرَيْج عَنْ اِبْن أَبِي مُلَيْكَة عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : كَانَتْ الْخَيْل وَحْشِيَّة فَذَلَّلَهَا اللَّه لِإِسْمَاعِيل بْن إِبْرَاهِيم عَلَيْهِمَا السَّلَام وَذَكَرَ وَهْب بْن مُنَبِّه فِي إِسْرَائِيلِيَّاته أَنَّ اللَّه خَلَقَ الْخَيْل مِنْ رِيح الْجَنُوب وَاَللَّه أَعْلَم فَقَدْ دَلَّ النَّصّ عَلَى جَوَاز رُكُوب هَذِهِ الدَّوَابّ وَمِنْهَا الْبِغَال. وَقَدْ أُهْدِيَتْ إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَغْلَة فَكَانَ يَرْكَبهَا مَعَ أَنَّهُ قَدْ نَهَى عَنْ إِنْزَاء الْحُمُر عَلَى الْخَيْل لِئَلَّا يَنْقَطِع النَّسْل . قَالَ الْإِمَام أَحْمَد : حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عُبَيْد حَدَّثَنَا عُمَر مِنْ آلِ حُذَيْفَة عَنْهُ عَنْ الشَّعْبِيّ عَنْ دِحْيَة الْكَلْبِيّ قَالَ : قُلْت يَا رَسُول اللَّه أَلَا أَحْمِل لَك حِمَارًا عَلَى فَرَس فَتُنْتِج لَك بَغْلًا فَتَرْكَبهَا ؟ قَالَ " إِنَّمَا يَفْعَل ذَلِكَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ " .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • الاستذكار لشأن وآثار الاستغفار

    الاستذكار لشأن وآثار الاستغفار: قال المؤلف: «فهذه تذكرةٌ بشأن الاستغفار تتضمن بيان معناه، وما يتحقَّق به وهدي النبي - صلى الله عليه وسلم - فيه، والإشارة إلى جملة من فضائله الجليلة وعواقبه الحسنة على المستغفِر وغيره في العاجل والآجِل».

    الناشر: شبكة الألوكة http://www.alukah.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/330344

    التحميل:

  • شرح كشف الشبهات [ البراك ]

    كشف الشبهات: رسالة نفيسة كتبها الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - وهي عبارة عن سلسلة شبهات للمشركين وتفنيدها وإبطالها، وفيها بيان توحيد العبادة وتوحيد الألوهية الذي هو حق الله على العباد، وفيها بيان الفرق بين توحيد الربوبية وتوحيد الإلهية والعبادة، وقد حرص عدد كبير من أهل لعلم على شرحها وتوضيح معانيها، ومن هؤلاء فضيلة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر البراك - أثابه الله - وفي هذه الصفحة نسخة pdf من هذا الشرح الذي أعد أصله اللجنة العلمية بشبكة نور الإسلام.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/322167

    التحميل:

  • شروط الصلاة في ضوء الكتاب والسنة

    شروط الصلاة في ضوء الكتاب والسنة: مفهوم شروط الصلاة، مع شرح الشروط بأدلتها من الكتاب والسنة.

    الناشر: المكتب التعاوني للدعوة وتوعية الجاليات بالربوة http://www.IslamHouse.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/53245

    التحميل:

  • أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير

    أيسر التفاسير : تفسير للقرآن الكريم، وطريقة مصنفه هي أن يأتي بالآية ويشرح مفرداتها أولاً، ثم يشرحها شرحا إجمالياً، ويذكر مناسبتها وهدايتها وما ترشد إليه من أحكام وفوائد.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/2624

    التحميل:

  • أختي المسلمة من أمركِ بالحجاب؟

    أختي المسلمة من أمركِ بالحجاب؟: رسالةٌ مُوجَّهة لكل فتاة للتنبيه على الحجاب الشرعي، وكيف أن الفتيات والنساء في عصرنا قد تخلَّت عنه وتركت حشمتها وحياءها - إلا من رحم الله منهن -، وذُكِر فيها وقفات مع الآباء بوجوب رعاية أولادهن وبناتهن من الانحراف خلف التشبُّه بالكفار في الملبس وغيره، وذُكِر فيها العديد من التحذيرات والنصائح النافعة، مُذكِّرةً بشروط الحجاب الشرعي التي أمر الله بالالتزام بها.

    الناشر: موقع الكتيبات الإسلامية http://www.ktibat.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/311869

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة