Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة الأنعام - الآية 152

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ ۖ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ ۖ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۖ وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ ۖ وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (152) (الأنعام) mp3
قَالَ عَطَاء بْن السَّائِب عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : لَمَّا أَنْزَلَ اللَّه " وَلَا تَقْرَبُوا مَال الْيَتِيم إِلَّا بِاَلَّتِي هِيَ أَحْسَن " وَ " إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَال الْيَتَامَى ظُلْمًا " الْآيَة فَانْطَلَقَ مَنْ كَانَ عِنْده يَتِيم فَعَزَلَ طَعَامه مِنْ طَعَامه وَشَرَابه مِنْ شَرَابه فَجَعَلَ يُفَضِّل الشَّيْء فَيَحْبِس لَهُ حَتَّى يَأْكُلهُ وَيَفْسُد فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّه فَأَنْزَلَ اللَّه " وَيَسْأَلُونَك عَنْ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاح لَهُمْ خَيْر وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانكُمْ " قَالَ : فَخَلَطُوا طَعَامهمْ بِطَعَامِهِمْ وَشَرَابهمْ بِشَرَابِهِمْ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَقَوْله تَعَالَى " حَتَّى يَبْلُغ أَشُدّهُ " قَالَ الشَّعْبِيّ وَمَالِك وَغَيْر وَاحِد مِنْ السَّلَف يَعْنِي حَتَّى يَحْتَلِم . وَقَالَ السُّدِّيّ : حَتَّى يَبْلُغ ثَلَاثِينَ سَنَة وَقِيلَ أَرْبَعُونَ سَنَة وَقِيلَ سِتُّونَ سَنَة قَالَ وَهَذَا كُلّه بَعِيد هَهُنَا وَاَللَّه أَعْلَم. وَقَوْله تَعَالَى " وَأَوْفُوا الْكَيْل وَالْمِيزَان بِالْقِسْطِ" يَأْمُر تَعَالَى بِإِقَامَةِ الْعَدْل فِي الْأَخْذ وَالْإِعْطَاء كَمَا تَوَعَّدَ عَلَى تَرْكه فِي قَوْله تَعَالَى " وَيْل لِلْمُطَفِّفِينَ الَّذِينَ إِذَا اِكْتَالُوا عَلَى النَّاس يَسْتَوْفُونَ وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ أَلَا يَظُنّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ لِيَوْمٍ عَظِيم يَوْم يَقُوم النَّاس لِرَبِّ الْعَالَمِينَ " وَقَدْ أَهْلَكَ اللَّه أُمَّة مِنْ الْأُمَم كَانُوا يَبْخَسُونَ الْمِكْيَال وَالْمِيزَان وَفِي كِتَاب الْجَامِع لِأَبِي عِيسَى التِّرْمِذِيّ مِنْ حَدِيث الْحُسَيْن بْن قَيْس أَبِي عَلِيّ الرَّحَبِيّ عَنْ عِكْرِمَة عَنْ اِبْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِ الْكَيْل وَالْمِيزَان إِنَّكُمْ وُلِّيتُمْ أَمْرًا هَلَكَتْ فِيهِ الْأُمَم السَّالِفَة قَبْلكُمْ ثُمَّ قَالَ لَا نَعْرِفهُ مَرْفُوعًا إِلَّا مِنْ حَدِيث الْحُسَيْن وَهُوَ ضَعِيف فِي الْحَدِيث . وَقَدْ رُوِيَ بِإِسْنَادٍ صَحِيح عَنْ اِبْن عَبَّاس مَوْقُوفًا قُلْت وَقَدْ رَوَاهُ اِبْن مَرْدُوَيْهِ فِي تَفْسِيره مِنْ حَدِيث شَرِيك عَنْ الْأَعْمَش عَنْ سَالِم بْن أَبِي الْجَعْد عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّكُمْ مَعْشَر الْمَوَالِي قَدْ بَشَّرَكُمْ اللَّه بِخَصْلَتَيْنِ بِهَا هَلَكَتْ الْقُرُون الْمُتَقَدِّمَة الْمِكْيَال وَالْمِيزَان وَقَوْله تَبَارَكَ وَتَعَالَى " لَا نُكَلِّف نَفْسًا إِلَّا وُسْعهَا " أَيْ مَنْ اِجْتَهَدَ فِي أَدَاء الْحَقّ وَأَخَذَهُ فَإِنْ أَخْطَأَ بَعْد اِسْتِفْرَاغ وُسْعه وَبَذْل جَهْده فَلَا حَرَج عَلَيْهِ . وَقَدْ رَوَى اِبْن مَرْدُوَيْهِ مِنْ حَدِيث بَقِيَّة عَنْ مَيْسَرَة بْن عُبَيْد عَنْ عَمْرو بْن مَيْمُون بْن مِهْرَان عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْآيَة " وَأَوْفُوا الْكَيْل وَالْمِيزَان بِالْقِسْطِ لَا نُكَلِّف نَفْسًا إِلَّا وُسْعهَا " فَقَالَ مَنْ أَوْفَى عَلَى يَده فِي الْكَيْل وَالْمِيزَان وَاَللَّه يَعْلَم صِحَّة نِيَّته بِالْوَفَاءِ فِيهِمَا لَمْ يُؤَاخَذ وَذَلِكَ تَأْوِيل وُسْعهَا هَذَا مُرْسَل غَرِيب وَقَوْله " وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى " كَقَوْلِهِ " يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ " الْآيَة وَكَذَا الَّتِي تُشْبِههَا فِي سُورَة النِّسَاء يَأْمُر تَعَالَى بِالْعَدْلِ فِي الْفِعَال وَالْمَقَال عَلَى الْقَرِيب وَالْبَعِيد وَاَللَّه تَعَالَى يَأْمُر بِالْعَدْلِ لِكُلِّ أَحَد فِي كُلّ وَقْت وَفِي كُلّ حَال وَقَوْله " وَبِعَهْدِ اللَّه أَوْفُوا " قَالَ اِبْن جَرِير : يَقُول وَبِوَصِيَّةِ اللَّه الَّتِي أَوْصَاكُمْ بِهَا فَأَوْفُوا وَإِيفَاء ذَلِكَ أَنْ تُطِيعُوهُ فِيمَا أَمَرَكُمْ وَنَهَاكُمْ وَتَعْمَلُوا بِكِتَابِهِ وَسُنَّة رَسُوله وَذَلِكَ هُوَ الْوَفَاء بِعَهْدِ اللَّه " ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ " يَقُول تَعَالَى : هَذَا أَوْصَاكُمْ بِهِ وَأَمَرَكُمْ بِهِ وَأَكَّدَ عَلَيْكُمْ فِيهِ " لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ" أَيْ تَتَّعِظُونَ وَتَنْتَهُونَ مِمَّا كُنْتُمْ فِيهِ قَبْل هَذَا وَقَرَأَ بَعْضهمْ بِتَشْدِيدِ الذَّال وَآخَرُونَ بِتَخْفِيفِهَا .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • غلاء المهور وأضراراه

    غلاء المهور وأضراراه : فإن مشكلة غلاء المهور والإسراف في حفلات الزواج قد شغلت بال كثير من الناس وحالت بينهم وبين الزواج المبكر وفي ذلك مخالفة لأوامر الله تعالى وأوامر رسوله - صلى الله عليه وسلم - التي رغبت في الزواج المبكر وتيسير أسبابه، كما أن في ذلك تعريض الشباب والفتيات للخطر والفتنة والفساد والسفر إلى الخارج لأجل ذلك فليتق الله كل مسلم في نفسه وفي أولاده وبناته وليبادر إلى تزويجهم بما تيسر فأعظم النكاح بركة أيسره مؤنة. وقد أدرك هذا الخطر كثير من علمائنا الأفاضل فحذروا من التغالي في المهور والإسراف في حفلات الزواج وأقاموا الحجة على الناس بذلك أثابهم الله وتقبل منهم. فجمعت في هذه الرسالة ما تيسر مما كتب في هذا الموضوع.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/209000

    التحميل:

  • أعمال القلوب [ التقوى ]

    التقوى هي ميزان التفاضل بين الناس; فالفضل والكرم إنما هو بتقوى الله لا بغيره; وهي منبع الفضائل قاطبة; فالرحمة والوفاء والصدق والعدل والورع والبذل والعطاء كلها من ثمرات التقوى; وهي الأنيس في الوحشة والمنجية من النقمة والموصلة للجنة.

    الناشر: موقع الشيخ محمد صالح المنجد www.almunajjid.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/340024

    التحميل:

  • هذا رسول الله

    هذا رسول الله : كتاب جديد ومتميز، تقوم فكرته على تقديم مجموعة مختارة من نصوص السنة النبوية يتعرَّف من خلالها على الإسلام ورسوله - صلى الله عليه وآله وسلم -، من خلال النصِّ النبويِّ مباشرة، من غير أن يكون بحاجة إلى شرح أو تفصيل؛ لذا فالكتاب سهلَ التناول، لا يحتاج القارئ غير المتخصص - مسلمٌ أو غير مسلم - إلى غيره معه لتوضيحه وبيانه، وقد قام بإعداده والتقديم له عدد من أهل العلم.

    الناشر: موقع الإسلام اليوم www.islamtoday.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/330618

    التحميل:

  • كتاب الصفدية

    كتاب الصفدية : هذا الكتاب يجيب عن التساؤل هل معجزات الأنبياء صلى الله عليهم وسلم قوى نفسانية؟

    المدقق/المراجع: محمد رشاد سالم

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/272837

    التحميل:

  • أسماء الله وصفاته وموقف أهل السنة منها

    أسماء الله وصفاته وموقف أهل السنة منها: كتاب يتحدث عن موقف أهل السنة والجماعة في اثبات أسماء الله الحسنى و صفاته والرد على المنكرين لها.

    الناشر: دار الثريا للنشر

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/44527

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة