Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة مريم - الآية 28

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا (28) (مريم) mp3
أَمْرًا عَظِيمًا " يَا أُخْت هَارُون " أَيْ شَبِيهَة هَارُون فِي الْعِبَادَة " مَا كَانَ أَبُوك اِمْرَأَ سَوْء وَمَا كَانَتْ أُمّك بَغِيًّا " أَيْ أَنْتِ مِنْ بَيْت طَيِّب طَاهِر مَعْرُوف بِالصَّلَاحِ وَالْعِبَادَة وَالزَّهَادَة فَكَيْف صَدَرَ هَذَا مِنْك قَالَ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة وَالسُّدِّيّ قِيلَ لَهَا " يَا أُخْت هَارُون " أَيْ أَخِي مُوسَى وَكَانَتْ مِنْ نَسْله كَمَا يُقَال لِلتَّمِيمِيِّ يَا أَخَا تَمِيم وَلِلْمِصْرِيِّ يَا أَخَا مُضَر وَقِيلَ نُسِبَتْ إِلَى رَجُل صَالِح كَانَ فِيهِمْ اِسْمه هَارُون فَكَانَتْ تُقَاس بِهِ فِي الزَّهَادَة وَالْعِبَادَة وَحَكَى اِبْن جَرِير عَنْ بَعْضهمْ أَنَّهُمْ شَبَّهُوهَا بِرَجُلٍ فَاجِر كَانَ فِيهِمْ يُقَال لَهُ هَارُون وَرَوَاهُ اِبْن أَبِي حَاتِم عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر وَأَغْرَب مِنْ هَذَا كُلّه مَا رَوَاهُ اِبْن أَبِي حَاتِم حَدَّثَنَا عَلِيّ بِن الْحُسَيْن الهجستاني حَدَّثَنَا اِبْن أَبِي مَرْيَم حَدَّثَنَا الْمُفَضَّل يَعْنِي اِبْن أَبِي فَضَالَة حَدَّثَنَا أَبُو صَخْر عَنْ الْقُرَظِيّ فِي قَوْل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ " يَا أُخْت هَارُون " قَالَ هِيَ أُخْت هَارُون لِأَبِيهِ وَأُمّه وَهِيَ أُخْت مُوسَى أَخِي هَارُون الَّتِي قَصَّتْ أَثَر مُوسَى " فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُب وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ " وَهَذَا الْقَوْل خَطَأ مَحْض فَإِنَّ اللَّه تَعَالَى قَدْ ذَكَرَ فِي كِتَابه أَنَّهُ قَفَّى بِعِيسَى بَعْد الرُّسُل فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ آخِر الْأَنْبِيَاء بَعْثًا وَلَيْسَ بَعْده إِلَّا مُحَمَّد صَلَوَات اللَّه وَسَلَامه عَلَيْهِمَا وَلِهَذَا ثَبَتَ فِي صَحِيح الْبُخَارِيّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُ عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : " أَنَا أَوْلَى النَّاس بِابْنِ مَرْيَم لِأَنَّهُ لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنه نَبِيّ " وَلَوْ كَانَ الْأَمْر كَمَا زَعَمَ مُحَمَّد بْن كَعْب الْقُرَظِيّ لَمْ يَكُنْ مُتَأَخِّرًا عَنْ الرُّسُل سِوَى مُحَمَّد وَلَكَانَ قَبْل سُلَيْمَان وَدَاوُد فَإِنَّ اللَّه قَدْ ذَكَرَ أَنَّ دَاوُد بَعْد مُوسَى عَلَيْهِمَا السَّلَام وَفِي قَوْله تَعَالَى : " أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَأ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل مِنْ بَعْد مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمْ اِبْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِل فِي سَبِيل اللَّه " وَذَكَرَ الْقِصَّة إِلَى أَنْ قَالَ " وَقَتَلَ دَاوُد جَالُوت " الْآيَة وَاَلَّذِي جَرَّأَ الْقُرَظِيّ عَلَى هَذِهِ الْمَقَالَة مَا فِي التَّوْرَاة بَعْد خُرُوج مُوسَى وَبَنِي إِسْرَائِيل مِنْ الْبَحْر وَإِغْرَاق فِرْعَوْن وَقَوْمه قَالَ وَقَامَتْ مَرْيَم بِنْت عِمْرَان أُخْت مُوسَى وَهَارُون النَّبِيَّيْنِ تَضْرِب بِالدُّفِّ هِيَ وَالنِّسَاء مَعَهَا يُسَبِّحْنَ اللَّه وَيَشْكُرْنَهُ عَلَى مَا أَنْعَمَ بِهِ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيل فَاعْتَقَدَ الْقُرَظِيّ أَنَّ هَذِهِ هِيَ أُمّ عِيسَى وَهَذِهِ هَفْوَة وَغَلْطَة شَدِيدَة بَلْ هِيَ بِاسْمِ هَذِهِ وَقَدْ كَانُوا يُسَمَّوْنَ بِأَسْمَاءِ أَنْبِيَائِهِمْ وَصَالِحِيهِمْ كَمَا قَالَ الْإِمَام أَحْمَد حَدَّثَنَا عَبْد اللَّه بْن إِدْرِيس سَمِعْت أَبِي يَذْكُرهُ عَنْ سِمَاك عَنْ عَلْقَمَة بْن وَائِل عَنْ الْمُغِيرَة بْن شُعْبَة قَالَ : بَعَثَنِي رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى نَجْرَان فَقَالُوا أَرَأَيْت مَا تَقْرَءُونَ " يَا أُخْت هَارُون " وَمُوسَى قَبْل عِيسَى بِكَذَا وَكَذَا ؟ قَالَ فَرَجَعْت فَذَكَرْت ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : " أَلَا أَخْبَرْتهمْ أَنَّهُمْ كَانُوا يُسَمَّوْنَ بِالْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ قَبْلهمْ " اِنْفَرَدَ بِإِخْرَاجِهِ مُسْلِم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ مِنْ حَدِيث عَبْد اللَّه بْن إِدْرِيس عَنْ أَبِيهِ عَنْ سِمَاك بِهِ وَقَالَ التِّرْمِذِيّ حَسَن صَحِيح غَرِيب لَا نَعْرِفهُ إِلَّا مِنْ حَدِيث اِبْن إِدْرِيس وَقَالَ اِبْن جَرِير حَدَّثَنِي يَعْقُوب حَدَّثَنَا اِبْن عُلَيَّة عَنْ سَعِيد بْن أَبِي صَدَقَة عَنْ مُحَمَّد بْن سِيرِينَ قَالَ أُنْبِئْت أَنَّ كَعْبًا قَالَ إِنَّ قَوْله : " يَا أُخْت هَارُون " لَيْسَ بِهَارُون أَخِي مُوسَى قَالَ فَقَالَتْ لَهُ عَائِشَة كَذَبْت قَالَ يَا أُمّ الْمُؤْمِنِينَ إِنْ كَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَهُ فَهُوَ أَعْلَم وَأَخْبَر وَإِلَّا فَإِنِّي أَجِد بَيْنهمَا سِتّمِائَةِ سَنَة قَالَ فَسَكَتَتْ وَفِي هَذَا التَّارِيخ نَظَر . وَقَالَ اِبْن جَرِير أَيْضًا : حَدَّثَنَا بِشْر حَدَّثَنَا يَزِيد حَدَّثَنَا سَعِيد عَنْ قَتَادَة قَوْله : " يَا أُخْت هَارُون " الْآيَة قَالَ كَانَتْ مِنْ أَهْل بَيْت يُعْرَفُونَ بِالصَّلَاحِ وَلَا يُعْرَفُونَ بِالْفَسَادِ وَمِنْ النَّاس مَنْ يُعْرَفُونَ بِالصَّلَاحِ وَيَتَوَالَدُونَ بِهِ وَآخَرُونَ يُعْرَفُونَ بِالْفَسَادِ وَيَتَوَالَدُونَ بِهِ وَكَانَ هَارُون مُصْلِحًا مُحَبَّبًا فِي عَشِيرَته وَلَيْسَ بِهَارُون أَخِي مُوسَى وَلَكِنَّهُ هَارُون آخَر قَالَ وَذَكَرَ لَنَا أَنَّهُ شَيَّعَ جِنَازَته يَوْم مَاتَ أَرْبَعُونَ أَلْفًا كُلّهمْ يُسَمَّى هَارُون مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • الرسالة التبوكية [ زاد المهاجر إلى ربه ]

    الرسالة التبوكية : وقد كتبها في المحرم سنة 733هـ بتبوك، وأرسلها إلى أصحابه في بلاد الشام، فسّر فيها قوله تعالى: { وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب } وذكر أن من أعظم التعاون على البر والتقوى التعاون على سفر الهجرة إلى الله ورسوله ... وبيّن أن زاد هذا السفر العلم الموروث عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم بيّن طريق العلم ومركبه وأن رأس مال الأمر وعموده في ذلك إنما هو التفكر والتدبر في آيات القرآن.

    المدقق/المراجع: محمد عزيز شمس

    الناشر: دار عالم الفوائد للنشر والتوزيع

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/265605

    التحميل:

  • الله لطيف بعباده

    الله لطيف بعباده: قال المصنف - حفظه الله -: «فما سمعت أذن، ولا رأت عين ألطف بالعباد من رب العباد، ترى الأمور العظام والمصائب الشداد، فإذا انجلى الأمر فإذا الخير والأجر. الله لطيف بعباده؛ خلقهم، ورزقهم، وهداهم، وأسكن من شاء منهم جنته، رحمته سبقت غضبه، وفضله سبق عقابه. هذا الكتيب... إلى من استوحشت به الطرق، وافترقت به المسالك، وأظلته سحابة حزن، وترك له الزمن جرحًا ينزف.. الله لطيف بعباده».

    الناشر: دار القاسم - موقع الكتيبات الإسلامية http://www.ktibat.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/208983

    التحميل:

  • ملخص فقه الصوم

    يحتوي ملخص فقه الصوم على أغلب المسائل التي يحتاج إليها الصائم، بالإضافة إلى بعض الأحكام المتعلقة بشهر رمضان، كصلاة التراويح والإعتكاف.

    الناشر: موقع الدرر السنية http://www.dorar.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/364380

    التحميل:

  • الضعف المعنوي وأثره في سقوط الأمم [ عصر ملوك الطوائف في الأندلس أنموذجًا ]

    الضعف المعنوي وأثره في سقوط الأمم [ عصر ملوك الطوائف في الأندلس أنموذجًا ] دراسة تاريخية تحليلية، تحاول هذه الدراسة الاسهام في بيان عوامل ضعف المسلمين.

    الناشر: مجلة البيان http://www.albayan-magazine.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/205814

    التحميل:

  • المجتبى في تخريج قراءة أبي عُمر الدوري

    المجتبى في تخريج قراءة أبي عُمر الدوري: قال المُصنِّف - رحمه الله -: «لما أُسنِد إليَّ تدريس (تخريج القراءات) بكلية الآداب قسم اللغة العربية - جامعة الخرطوم .. أردتُ أن أعدّ بحثًا أُضمِّنه تخريج قراءة أبي عمر الدُّوريِّ (ت 246 هـ) عن أبي عمروٍ البصريِّ (ت 154 هـ) نظرًا لشُهرة هذه القراءة بين أهل السودان، وسمَّيتُه «المُجتبى» في تخريج قراءة أبي عُمر الدُّوريِّ. أما منهج هذا البحث فقد قسمتُه إلى بابين: الأول: الأصول: وهي كل قاعدةٍ كليةٍ مُطّردة في جميع القرآن الكريم. والثاني: الفرش: وهي كل كلمةٍ خاصَّةٍ بالسورة التي تُذكر ولا تتعدَّاها إلى غيرها إلا بالنصِّ عليها. وقد توخَّيتُ في بحثي هذا سُهلوةَ العبارة، وجَزالَة التركيب، بعيدًا عن التطويلِ المُمِلِّ أو التقصيرِ المُخِلِّ».

    الناشر: موقع الدكتور محمد محيسن http://www.mehesen.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/384404

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة