Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة الأنعام - الآية 52

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ۖ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِم مِّن شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ (52) (الأنعام) mp3
وَقَوْله تَعَالَى " وَلَا تَطْرُد الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبّهمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيّ يُرِيدُونَ وَجْهه " أَيْ لَا تُبْعِد هَؤُلَاءِ الْمُتَّصِفِينَ بِهَذِهِ الصِّفَات عَنْك بَلْ اِجْعَلْهُمْ جُلَسَاءَك وَأَخِصَّاءَكَ كَقَوْلِهِ " وَاصْبِرْ نَفْسك مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبّهمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيّ يُرِيدُونَ وَجْهه وَلَا تَعْدُ عَيْنَاك عَنْهُمْ تُرِيد زِينَة الْحَيَاة الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبه عَنْ ذِكْرنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْره فُرُطًا " وَقَوْله " يَدْعُونَ رَبّهمْ " أَيْ يَعْبُدُونَهُ وَيَسْأَلُونَهُ " بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيّ" قَالَ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب وَمُجَاهِد وَالْحَسَن وَقَتَادَة الْمُرَاد بِهِ الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة وَهَذَا كَقَوْلِهِ " وَقَالَ رَبّكُمْ اُدْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ " أَيْ أَتَقَبَّل مِنْكُمْ وَقَوْله " يُرِيدُونَ وَجْهه " أَيْ يُرِيدُونَ بِذَلِكَ الْعَمَل وَجْه اللَّه الْكَرِيم وَهُمْ مُخْلِصُونَ فِيمَا هُمْ فِيهِ مِنْ الْعِبَادَات وَالطَّاعَات وَقَوْله " مَا عَلَيْك مِنْ حِسَابهمْ مِنْ شَيْء وَمَا مِنْ حِسَابك عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْء " كَقَوْلِ نُوح عَلَيْهِ السَّلَام فِي جَوَاب الَّذِينَ " قَالُوا أَنُؤْمِنُ لَك وَاتَّبَعَك الْأَرْذَلُونَ قَالَ وَمَا عِلْمِي بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ إِنْ حِسَابهمْ إِلَّا عَلَى رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ " أَيْ إِنَّمَا حِسَابهمْ عَلَى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ وَلَيْسَ عَلَيَّ مِنْ حِسَابهمْ مِنْ شَيْء كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِمْ مِنْ حِسَابِي مِنْ شَيْء وَقَوْله " فَتَطْرُدهُمْ فَتَكُون مِنْ الظَّالِمِينَ " أَيْ إِنْ فَعَلْت هَذَا وَالْحَالَة هَذِهِ قَالَ الْإِمَام أَحْمَد : حَدَّثَنَا أَسْبَاط هُوَ اِبْن مُحَمَّد حَدَّثَنِي أَشْعَث عَنْ كُرْدُوس عَنْ اِبْن مَسْعُود قَالَ : مَرَّ الْمَلَأ مِنْ قُرَيْش عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَآله وَسَلَّمَ وَعِنْده خَبَّاب وَصُهَيْب وَبِلَال وَعَمَّار فَقَالُوا : يَا مُحَمَّد أَرَضِيت بِهَؤُلَاءِ ؟ فَنَزَلَ فِيهِمْ الْقُرْآن " وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبّهمْ " إِلَى قَوْله" أَلَيْسَ اللَّه بِأَعْلَم بِالشَّاكِرِينَ " وَرَوَاهُ اِبْن جَرِير مِنْ طَرِيق أَشْعَث عَنْ كُرْدُوس عَنْ اِبْن مَسْعُود قَالَ : مَرَّ الْمَلَأ مِنْ قُرَيْش بِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَآله وَسَلَّمَ وَعِنْده صُهَيْب وَبِلَال وَعَمَّار وَخَبَّاب وَغَيْرهمْ مِنْ ضُعَفَاء الْمُسْلِمِينَ فَقَالُوا : يَا مُحَمَّد أَرَضِيت بِهَؤُلَاءِ مِنْ قَوْمك ؟ أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ مَنَّ اللَّه عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْننَا ؟ أَنَحْنُ نَصِير تَبَعًا لِهَؤُلَاءِ ؟ اُطْرُدْهُمْ فَلَعَلَّك إِنْ طَرَدْتهمْ أَنْ نَتَّبِعك فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة " وَلَا تَطْرُد الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبّهمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيّ يُرِيدُونَ وَجْهه - وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضهمْ بِبَعْضٍ " إِلَى آخِر الْآيَة وَقَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم : حَدَّثَنَا اِبْن سَعِيد بْن يَحْيَى بْن سَعِيد الْقَطَّان حَدَّثَنَا عَمْرو بْن مُحَمَّد الْعَنْقَزِيّ حَدَّثَنَا أَسْبَاط بْن نَصْر عَنْ السُّدِّيّ عَنْ أَبِي سَعِيد الْأَزْدِيّ - وَكَانَ قَارِئ الْأَزْد - عَنْ أَبِي الْكَنُود عَنْ خَبَّاب فِي قَوْل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ " لَا تَطْرُد الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبّهمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيّ " قَالَ جَاءَ الْأَقْرَع بْن حَابِس التَّمِيمِيّ وَعُيَيْنَة بْن حِصْن الْفَزَارِيّ فَوَجَدُوا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ صُهَيْب وَبِلَال وَعَمَّار وَخَبَّاب قَاعِدًا فِي نَاس مِنْ الضُّعَفَاء مِنْ الْمُؤْمِنِينَ فَلَمَّا رَأَوْهُمْ حَوْل النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَقَّرُوهُمْ فِي نَفَر فِي أَصْحَابه فَأَتَوْهُ فَخَلَّوْا بِهِ وَقَالُوا إِنَّا نُرِيد أَنْ تَجْعَل لَنَا مِنْك مَجْلِسًا تَعْرِف لَنَا بِهِ الْعَرَب فَضْلنَا فَإِنَّ وُفُود الْعَرَب تَأْتِيك فَنَسْتَحْيِيَ أَنْ تَرَانَا الْعَرَب مَعَ هَذِهِ الْأَعْبُد فَإِذَا نَحْنُ جِئْنَاك فَأَقِمْهُمْ عَنَّا فَإِذَا نَحْنُ فَرَغْنَا فَاقْعُدْ مَعَهُمْ إِنْ شِئْت قَالَ " نَعَمْ " قَالُوا فَاكْتُبْ لَنَا عَلَيْك كِتَابًا قَالَ فَدَعَا بِصَحِيفَةٍ وَدَعَا عَلِيًّا لِيَكْتُب وَنَحْنُ قُعُود فِي نَاحِيَة فَنَزَلَ جِبْرِيل فَقَالَ " وَلَا تَطْرُد الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبّهمْ " الْآيَة فَرَمَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالصَّحِيفَةِ مِنْ يَده ثُمَّ دَعَانَا فَأَتَيْنَاهُ وَرَوَاهُ اِبْن جَرِير مِنْ حَدِيث أَسْبَاط بِهِ وَهَذَا حَدِيث غَرِيب فَإِنَّ هَذِهِ الْآيَة مَكِّيَّة وَالْأَقْرَع بْن حَابِس وَعُيَيْنَة إِنَّمَا أَسْلَمَا بَعْد الْهِجْرَة بِدَهْرٍ وَقَالَ سُفْيَان الثَّوْرِيّ عَنْ الْمِقْدَام بْن شُرَيْح عَنْ أَبِيهِ قَالَ : قَالَ سَعْد نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة فِي سِتَّة مِنْ أَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُمْ اِبْن مَسْعُود قَالَ كُنَّا نَسْتَبِق إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَدْنُو مِنْهُ وَنَسْمَع مِنْهُ فَقَالَتْ قُرَيْش : تُدْنِي هَؤُلَاءِ دُوننَا فَنَزَلَتْ " وَلَا تَطْرُد الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبّهمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيّ " رَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْرَكه مِنْ طَرِيق سُفْيَان وَقَالَ عَلَى شَرْط الشَّيْخَيْنِ وَأَخْرَجَهُ اِبْن حِبَّان فِي صَحِيحه مِنْ طَرِيق الْمِقْدَام بْن شُرَيْح بِهِ .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • آفات اللسان في ضوء الكتاب والسنة

    آفات اللسان في ضوء الكتاب والسنة: قال المصنف - حفظه الله -: «وآفات اللسان من أخطر الآفات على الإنسان؛ لأن الإنسان يهون عليه التحفظ، والاحتراز من أكل الحرام، والظلم، والزنا، والسرقة، وشرب الخمر، ومن النظر المُحَرَّمِ، وغير ذلك من المحرمات، ويصعب عليه التحفظ والاحتراز من حركة لسانه، حتى ترى الرجل يشار إليه: بالدِّين، والزهد، والعبادة، وهو يتكلم بالكلمات من سخط الله، لا يُلقي لها بالاً، يهوي في النار بالكلمة الواحدة منها أبعد مما بين المشرق والمغرب، أو يهوي بها في النار سبعين سنة، وكم ترى من رجل متورع عن الفواحش والظلم، ولسانه يقطع، ويذبح في أعراض الأحياء والأموات، ولا يُبالي بما يقول .. ولخطر آفات اللسان على الفرد، والمجتمع، والأمة الإسلامية جمعتُ ما يسر الله لي جمعه - في هذا الموضوع الخطير - من كتاب الله تعالى وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -».

    الناشر: المكتب التعاوني للدعوة وتوعية الجاليات بالربوة http://www.IslamHouse.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/1923

    التحميل:

  • رسالة إلى طالب نجيب

    رسالة إلى طالب نجيب: قال المؤلف - حفظه الله -: «فبينما كنت أُقلِّب أوراقًا قديمةً وجدتُ من بينها صورةً لرسالة كتبتها منذ فترةٍ لطالبٍ نجيبٍ. وعندما اطَّلعتُ على تلك الرسالة بدا لي أن تُنشر؛ رجاء عموم النفع، ولقلة الرسائل التي تُوجّه إلى الطلاب النُّجَباء. فها هي الرسالة مع بعض التعديلات اليسيرة، أُوجِّهها لإخواني الطلاب سائلاً المولى أن ينفع بها، ويجعلها في موازين الحسنات يوم نلقاه».

    الناشر: موقع دعوة الإسلام http://www.toislam.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/355727

    التحميل:

  • الفرق بين النصيحة والتعيير

    الفرق بين النصيحة والتعيير : كلمات مختصرة جامعة في الفرق بين النصيحة والتعيير - فإنهما يشتركان في أن كلًّا منهما: ذِكْرُ الإنسان بما يكره ذِكْرَه، وقد يشتبه الفرق بينهما عند كثير من الناس والله الموفق للصواب.

    الناشر: موقع الإسلام http://www.al-islam.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/116947

    التحميل:

  • الأنوار الساطعات لآيات جامعات [ البرهان المحكم في أن القرآن يهدي للتي هي أقوم ]

    قال المؤلف - رحمه الله -: « فبما أني منذ زمن طويل وأنا ألتمس كتابًا تتناسب قراءته مع عموم الناس فيما بين العشاءين، خصوصًا في شهر رمضان المبارك، وحيث أن الناس يقبلون على تلاوة كتاب الله في شهر رمضان المبارك، رأيت أن أكتب آيات من القرآن الكريم، وأجمع لها شرحًا وافيًا بالمقصود من كتب المفسرين كابن جرير، وابن كثير، والشيخ عبدالرحمن الناصر السعدي، والشيخ المراغي ونحوهم، وسميته: « الأنوار الساطعات لآيات جامعات »، والله المسئول أن يجعل عملنا خالصًا لوجهه الكريم، وأن ينفع به من قرأه ومن سمعه، إنه سميع قريب مجيب، اللهم صل على محمد وآله وسلم ».

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/2627

    التحميل:

  • معاني الآثار

    بين المصنف - رحمه الله - الآثار المأثورة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الأحكام التي يتوهم أهل الإلحاد والضعفة أن بعضها ينقض بعضاً؛ وذلك لقلة علمهم بناسخها من منسوخها، ورتبها على الأبواب الفقهية.

    الناشر: موقع أم الكتاب http://www.omelketab.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/2460

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة