Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة آل عمران - الآية 37

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا ۖ كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقًا ۖ قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّىٰ لَكِ هَٰذَا ۖ قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ ۖ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (37) (آل عمران) mp3
يُخْبِر رَبّنَا أَنَّهُ تَقَبَّلَهَا مِنْ أُمّهَا نَذِيرَة وَأَنَّهُ أَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا أَيْ جَعَلَهَا شَكْلًا مَلِيحًا وَنَظَرًا بَهِيجًا وَيَسَّرَ لَهَا أَسْبَاب الْقَبُول وَقَرَنَهَا بِالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَاده تَتَعَلَّم مِنْهُمْ الْعِلْم وَالْخَيْر وَالدِّين فَلِهَذَا قَالَ " وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا " بِتَشْدِيدِ الْفَاء وَنَصْبِ زَكَرِيَّا عَلَى الْمَفْعُولِيَّة أَيْ جَعَلَهُ كَافِلًا لَهَا قَالَ اِبْن إِسْحَق : وَمَا ذَلِكَ إِلَّا أَنَّهَا كَانَتْ يَتِيمَة وَذَكَرَ غَيْره : إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيل أَصَابَتْهُمْ سَنَة جَدْب فَكَفلَ زَكَرِيَّا مَرْيَم لِذَلِكَ وَلَا مُنَافَاة بَيْن الْقَوْلَيْنِ وَاَللَّه أَعْلَم وَإِنَّمَا قَدَّرَ اللَّه كَوْنَ زَكَرِيَّا كَفَلَهَا لِسَعَادَتِهَا لِتَقْتَبِس مِنْهُ عِلْمًا جَمًّا نَافِعًا وَعَمَلًا صَالِحًا وَلِأَنَّهُ كَانَ زَوْج خَالَتهَا عَلَى مَا ذَكَرَهُ اِبْن إِسْحَق وَابْن جَرِير وَغَيْرهمَا وَقِيلَ : زَوْج أُخْتهَا كَمَا وَرَدَ فِي الصَّحِيح " فَإِذَا بِيَحْيَى وَعِيسَى وَهُمَا اِبْنَا الْخَالَة " وَقَدْ يُطْلَق عَلَى مَا ذَكَرَهُ اِبْن إِسْحَق ذَلِكَ أَيْضًا تَوَسُّعًا فَعَلَى هَذَا كَانَتْ فِي حَضَانَة خَالَتهَا وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيح : أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى فِي عُمَارَة بِنْت حَمْزَة أَنْ تَكُون فِي حَضَانَة خَالَتهَا اِمْرَأَة جَعْفَر بْن أَبِي طَالِب وَقَالَ : " الْخَالَة بِمَنْزِلَةِ الْأُمّ " ثُمَّ أَخْبَرَ تَعَالَى عَنْ سِيَادَتهَا وَجَلَادَتهَا فِي مَحَلّ عِبَادَتهَا فَقَالَ " كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَاب وَجَدَ عِنْدهَا رِزْقًا قَالَ مُجَاهِد وَعِكْرِمَة وَسَعِيد بْن جُبَيْر وَأَبُو الشَّعْثَاء وَإِبْرَاهِيم النَّخَعِيّ وَالضَّحَّاك وَقَتَادَة وَالرَّبِيع بْن أَنَس وَعَطِيَّة الْعَوْفِيّ وَالسُّدِّيّ : يَعْنِي وَجَدَ عِنْدهَا فَاكِهَة الصَّيْف فِي الشِّتَاء وَفَاكِهَة الشِّتَاء فِي الصَّيْف وَعَنْ مُجَاهِد " وَجَدَ عِنْدهَا رِزْقًا " أَيْ عِلْمًا أَوْ قَالَ : صُحُفًا فِيهَا عِلْم رَوَاهُ اِبْن أَبِي حَاتِم وَالْأَوَّل أَصَحّ وَفِيهِ دَلَالَة عَلَى كَرَامَات الْأَوْلِيَاء وَفِي السُّنَّة لِهَذَا نَظَائِر كَثِيرَة فَإِذَا رَأَى زَكَرِيَّا هَذَا عِنْدهَا " قَالَ يَا مَرْيَم أَنَّى لَك هَذَا " أَيْ يَقُول مِنْ أَيْنَ لَك هَذَا ؟ " قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْد اللَّه إِنَّ اللَّه يَرْزُق مَنْ يَشَاء بِغَيْرِ حِسَاب " وَقَالَ الْحَافِظ أَبُو يَعْلَى : حَدَّثَنَا سَهْل بْن زَنْجَلَة حَدَّثَنَا عَبْد اللَّه بْن صَالِح حَدَّثَنَا عَبْد اللَّه بْن لَهِيعَة عَنْ مُحَمَّد بْن الْمُنْكَدِر عَنْ جَابِر أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقَامَ أَيَّامًا لَمْ يَطْعَم طَعَامًا حَتَّى شَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ فَطَافَ فِي مَنَازِل أَزْوَاجه فَلَمْ يَجِد عِنْد وَاحِدَة مِنْهُنَّ شَيْئًا فَأَتَى فَاطِمَة فَقَالَ " يَا بُنَيَّة هَلْ عِنْدك شَيْء آكُلهُ فَإِنِّي جَائِع ؟ " قَالَتْ : لَا وَاَللَّه بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي فَلَمَّا خَرَجَ مِنْ عِنْدهَا بَعَثَتْ إِلَيْهَا جَارَة لَهَا بِرَغِيفَيْنِ وَقِطْعَة لَحْم فَأَخَذَتْهُ مِنْهَا فَوَضَعَتْهُ فِي جَفْنَة لَهَا وَقَالَتْ : وَاَللَّه لَأُوثِرَنَّ بِهَذَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى نَفْسِي وَمَنْ عِنْدِي وَكَانُوا جَمِيعًا مُحْتَاجِينَ إِلَى شِبْعَة طَعَام فَبَعَثَتْ حَسَنًا أَوَحُسَيْنًا إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَجَعَ إِلَيْهَا فَقَالَتْ : بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي قَدْ أَتَى اللَّه بِشَيْءٍ فَخَبَّأْته لَك قَالَ " هَلُمِّي يَا بُنَيَّة " قَالَتْ فَأَتَيْته بِالْجَفْنَةِ فَكَشَفْت عَنْهَا فَإِذَا هِيَ مَمْلُوءَة خُبْزًا وَلَحْمًا فَلَمَّا نَظَرْت إِلَيْهَا بُهِتّ وَعَرَفْت أَنَّهَا بَرَكَة مِنْ اللَّه فَحَمِدْت اللَّه وَصَلَّيْت عَلَى نَبِيّه وَقَدَّمْته إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا رَآهُ حَمِدَ اللَّه وَقَالَ" مِنْ أَيْنَ لَك هَذَا يَا بُنَيَّة " ؟ قَالَتْ : يَا أَبَت " هُوَ مِنْ عِنْد اللَّه إِنَّ اللَّه يَرْزُق مَنْ يَشَاء بِغَيْرِ حِسَاب " فَحَمِدَ اللَّه وَقَالَ " الْحَمْد لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَك يَا بُنَيَّة شَبِيهَة بِسَيِّدَةِ نِسَاء بَنِي إِسْرَائِيل فَإِنَّهَا كَانَتْ إِذَا رَزَقَهَا اللَّه شَيْئًا وَسُئِلَتْ عَنْهُ قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْد اللَّه إِنَّ اللَّه يَرْزُق مِنْ يَشَاء بِغَيْرِ حِسَاب " فَبَعَثَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى عَلِيّ ثُمَّ أَكَلَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَكَلَ عَلِيّ وَفَاطِمَة وَحَسَن وَحُسَيْن وَجَمِيع أَزْوَاج النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَهْل بَيْته حَتَّى شَبِعُوا جَمِيعًا قَالَتْ : وَبَقِيَتْ الْجَفْنَة كَمَا هِيَ قَالَتْ : فَأَوْسَعْت بِبَقِيَّتِهَا عَلَى جَمِيع الْجِيرَان وَجَعَلَ اللَّه فِيهَا بَرَكَة وَخَيْرًا كَثِيرًا .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • رحمة للعالمين: محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم

    رحمة للعالمين: محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم: كتابٌ ألَّفه الشيخ القحطاني - حفظه الله - في سيرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قسمه إلى ثلاثٍ وثلاثين مبحثًا في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - ونشأته، وصفاته الخَلْقية والخُلُقية، ومعجزاته، ووفاته، وختم الكتاب بذكر حقوقه - صلى الله عليه وسلم - على أمته.

    الناشر: المكتب التعاوني للدعوة وتوعية الجاليات بالربوة http://www.IslamHouse.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/2164

    التحميل:

  • رسائل العقيدة للشيخ محمد بن عبد الوهاب

    رسائل العقيدة للشيخ محمد بن عبد الوهاب : مجلد يحتوي على عدة رسائل في التوحيد للإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - وهي: 1- كتاب التوحيد. 2- كشف الشبهات. 3- ثلاثة الأصول. 4- القواعد الأربع. 5- فضل الإسلام. 6- أصول الإيمان. 7- مفيد المستفيد في كفر تارك التوحيد. 8- مجموعة رسائل في التوحيد.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/264145

    التحميل:

  • حكم الاحتفال بالمولد والرد على من أجازه

    حكم الاحتفال بالمولد والرد على من أجازه: رسالة في نقض شُبَه من يُجوِّز الاحتفال بالمولد النبوي.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/1959

    التحميل:

  • خمسون وصية ووصية لتكون خطيبا ناجحا

    خمسون وصية ووصية لتكون خطيبا ناجحا : وقفة مع الخطيب وصفاته، نحاول التعرف على جوانب ثقافته ومصادر أفكاره وأهم المكونات التي تؤثر في إفرازه وإيجاده.

    الناشر: موقع الإسلام http://www.al-islam.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/142666

    التحميل:

  • الأسئلة والأجوبة الأصولية على العقيدة الواسطية

    العقيدة الواسطية : رسالة نفيسة لشيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - ذكر فيها جمهور مسائل أصول الدين، ومنهج أهل السنة والجماعة في مصادر التلقي التي يعتمدون عليها في العقائد؛ لذا احتلت مكانة كبيرة بين علماء أهل السنة وطلبة العلم، لما لها من مميزات عدة من حيث اختصار ألفاظها ودقة معانيها وسهولة أسلوبها، وأيضاً ما تميزت به من جمع أدلة أصول الدين العقلية والنقلية، وقد شرحها العديد من أهل العلم، ومنهم الشيخ عبد العزيز بن محمد السلمان - رحمه الله -، وذلك في صورة سؤال وجواب.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/2565

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة