Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة البقرة - الآية 56

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
ثُمَّ بَعَثْنَاكُم مِّن بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (56) (البقرة) mp3
وَقَالَ الرَّبِيع بْن أَنَس كَانَ مَوْتهمْ عُقُوبَة لَهُمْ فَبُعِثُوا مِنْ بَعْد الْمَوْت لِيَسْتَوْفُوا آجَالهمْ وَكَذَا قَالَ : قَتَادَة وَقَالَ : اِبْن جَرِير حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن حُمَيْد حَدَّثَنَا سَلَمَة بْن الْفَضْل عَنْ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق قَالَ : لَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمه فَرَأَى مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ عِبَادَة الْعِجْل وَقَالَ لِأَخِيهِ وَلِلسَّامِرِيِّ مَا قَالَ : وَحَرَقَ الْعِجْل وَذَرَّاهُ فِي الْيَمّ اِخْتَارَ مُوسَى مِنْهُمْ سَبْعِينَ رَجُلًا الْخَيْر فَالْخَيْر وَقَالَ اِنْطَلِقُوا إِلَى اللَّه وَتُوبُوا إِلَى اللَّه مِمَّا صَنَعْتُمْ وَاسْأَلُوهُ التَّوْبَة عَلَى مَنْ تَرَكْتُمْ وَرَاءَكُمْ مِنْ قَوْمكُمْ صُومُوا وَتَطَهَّرُوا وَطَهِّرُوا ثِيَابكُمْ . فَخَرَجَ بِهِمْ إِلَى طُور سَيْنَاء لِمِيقَاتِ وَقَّتَهُ لَهُ رَبّه وَكَانَ لَا يَأْتِيه إِلَّا بِإِذْنٍ مِنْهُ وَعِلْم فَقَالَ لَهُ السَّبْعُونَ فِيمَا ذَكَرَ لِي حِين صَنَعُوا مَا أُمِرُوا بِهِ وَخَرَجُوا لِلِقَاءِ اللَّه قَالُوا : يَا مُوسَى اُطْلُبْ لَنَا إِلَى رَبّك نَسْمَع كَلَام رَبّنَا فَقَالَ أَفْعَل فَلَمَّا دَنَا مُوسَى مِنْ الْجَبَل وَقَعَ عَلَيْهِ الْغَمَام حَتَّى تَغَشَّى الْجَبَل كُلّه وَدَنَا مُوسَى فَدَخَلَ فِيهِ وَقَالَ : لِلْقَوْمِ اُدْنُوا وَكَانَ مُوسَى إِذَا كَلَّمَهُ اللَّه وَقَعَ عَلَى جَبْهَته نُور سَاطِع لَا يَسْتَطِيع أَحَد مِنْ بَنِي آدَم أَنْ يَنْظُر إِلَيْهِ فَضُرِبَ دُونه بِالْحِجَابِ وَدَنَا الْقَوْم حَتَّى إِذَا دَخَلُوا فِي الْغَمَام وَقَعُوا سُجُودًا فَسَمِعُوهُ وَهُوَ يُكَلِّم مُوسَى يَأْمُرهُ وَيَنْهَاهُ : اِفْعَلْ وَلَا تَفْعَل فَلَمَّا فَرَغَ إِلَيْهِ مِنْ أَمْره اِنْكَشَفَ عَنْ مُوسَى الْغَمَام فَأَقْبَلَ إِلَيْهِمْ فَقَالُوا لِمُوسَى " لَنْ نُؤْمِن لَك حَتَّى نَرَى اللَّه جَهْرَة " فَأَخَذَتْهُمْ الرَّجْفَة وَهِيَ الصَّاعِقَة فَمَاتُوا جَمِيعًا وَقَامَ مُوسَى يُنَاشِد رَبّه وَيَدْعُوهُ وَيَرْغَب إِلَيْهِ وَيَقُول" رَبّ لَوْ شِئْت أَهْلَكْتهُمْ مِنْ قَبْل وَإِيَّايَ " قَدْ سَفِهُوا أَفَتُهْلِك مَنْ وَرَائِي مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل بِمَا يَفْعَل السُّفَهَاء مِنَّا ؟ أَيْ إِنَّ هَذَا لَهُمْ هَلَاك وَاخْتَرْت مِنْهُمْ سَبْعِينَ رَجُلًا الْخَيِّر فَالْخَيِّر أَرْجِع إِلَيْهِمْ وَلَيْسَ مَعِي مِنْهُمْ رَجُل وَاحِد فَمَا الَّذِي يُصَدِّقُونِي بِهِ وَيَأْمَنُونِي عَلَيْهِ بَعْد هَذَا ؟ " إِنَّا هُدْنَا إِلَيْك " فَلَمْ يَزَلْ مُوسَى يُنَاشِد رَبّه عَزَّ وَجَلَّ وَيَطْلُب إِلَيْهِ حَتَّى رَدَّ إِلَيْهِمْ أَرْوَاحهمْ وَطَلَبَ إِلَيْهِ التَّوْبَة لِبَنِي إِسْرَائِيل مِنْ عِبَادَة الْعِجْل فَقَالَ لَا إِلَّا أَنْ يَقْتُلُوا أَنْفُسهمْ - هَذَا سِيَاق مُحَمَّد بْن إِسْحَاق - وَقَالَ إِسْمَاعِيل بْن عَبْد الرَّحْمَن السُّدِّيّ الْكَبِير لَمَّا تَابَتْ بَنُو إِسْرَائِيل مِنْ عِبَادَة الْعِجْل وَتَابَ اللَّه عَلَيْهِمْ بِقَتْلِ بَعْضهمْ لِبَعْضٍ كَمَا أَمَرَهُمْ اللَّه بِهِ أَمَرَ اللَّه مُوسَى أَنْ يَأْتِيه فِي كُلّ أُنَاس مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل يَعْتَذِرُونَ إِلَيْهِ مِنْ عِبَادَة الْعِجْل وَوَعَدَهُمْ مُوسَى فَاخْتَارَ مُوسَى سَبْعِينَ رَجُلًا عَلَى عَيْنه ثُمَّ ذَهَبَ بِهِمْ لِيَعْتَذِرُوا وَسَاقَ الْبَقِيَّة وَهَذَا السِّيَاق يَقْتَضِي أَنَّ الْخِطَاب تَوَجَّهَ إِلَى بَنِي إِسْرَائِيل فِي قَوْله " وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِن لَك حَتَّى نَرَى اللَّه جَهْرَة " وَالْمُرَاد السَّبْعُونَ الْمُخْتَارُونَ مِنْهُمْ وَلَمْ يَحْكِ كَثِير مِنْ الْمُفَسِّرِينَ سِوَاهُ وَقَدْ أَغْرَبَ الرَّازِيّ فِي تَفْسِيره حِين حَكَى فِي قِصَّة هَؤُلَاءِ السَّبْعِينَ أَنَّهُمْ بَعْد إِحْيَائِهِمْ قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّك لَا تَطْلُب مِنْ اللَّه شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاك فَادْعُهُ أَنْ يَجْعَلنَا أَنْبِيَاء فَدَعَا بِذَلِكَ فَأَجَابَ اللَّه دَعْوَته وَهَذَا غَرِيب جِدًّا إِذْ لَا يُعْرَف فِي زَمَان مُوسَى نَبِيّ سِوَى هَارُون ثُمَّ يُوشَع بْن نُون وَقَدْ غَلِطَ أَهْل الْكِتَاب أَيْضًا فِي دَعْوَاهُمْ أَنَّ هَؤُلَاءِ رَأَوْا اللَّه عَزَّ وَجَلَّ فَإِنَّ مُوسَى الْكَلِيم عَلَيْهِ السَّلَام قَدْ سَأَلَ ذَلِكَ فَمُنِعَ مِنْهُ كَيْف يَنَالهُ هَؤُلَاءِ السَّبْعُونَ . الْقَوْل الثَّانِي فِي الْآيَة قَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن زَيْد بْن أَسْلَمَ فِي تَفْسِير هَذِهِ الْآيَة قَالَ : لَهُمْ مُوسَى لَمَّا رَجَعَ مِنْ عِنْد رَبّه بِالْأَلْوَاحِ قَدْ كَتَبَ فِيهَا التَّوْرَاة فَوَجَدَهُمْ يَعْبُدُونَ الْعِجْل فَأَمَرَهُمْ بِقَتْلِ أَنْفُسهمْ فَفَعَلُوا فَتَابَ اللَّه عَلَيْهِمْ فَقَالَ إِنَّ هَذِهِ الْأَلْوَاح فِيهَا كِتَاب اللَّه فِيهِ أَمْركُمْ الَّذِي أَمَرَكُمْ بِهِ وَنَهْيكُمْ الَّذِي نَهَاكُمْ عَنْهُ فَقَالُوا وَمَنْ يَأْخُذهُ بِقَوْلِك أَنْتَ ؟ لَا وَاَللَّه حَتَّى نَرَى اللَّه جَهْرَة حَتَّى يَطَّلِع اللَّه عَلَيْنَا وَيَقُول هَذَا كِتَابِي فَخُذُوهُ فَمَا لَهُ لَا يُكَلِّمنَا كَمَا يُكَلِّمك أَنْتَ يَا مُوسَى وَقَرَأَ قَوْل اللَّه " لَنْ نُؤْمِن لَك حَتَّى نَرَى اللَّه جَهْرَة " قَالَ فَجَاءَتْ غَضْبَة مِنْ اللَّه فَجَاءَتْهُمْ صَاعِقَة بَعْد التَّوْبَة فَصَعَقَتْهُمْ فَمَاتُوا أَجْمَعُونَ قَالَ ثُمَّ أَحْيَاهُمْ اللَّه مِنْ بَعْد مَوْتهمْ وَقَرَأَ قَوْل اللَّه " ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْد مَوْتكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ " فَقَالَ لَهُمْ مُوسَى خُذُوا كِتَاب اللَّه فَقَالُوا لَا فَقَالَ أَيّ شَيْء أَصَابَكُمْ ؟ فَقَالُوا أَصَابَنَا أَنَّا مُتْنَا ثُمَّ أُحْيِينَا قَالَ خُذُوا كِتَاب اللَّه قَالُوا لَا فَبَعَثَ اللَّه مَلَائِكَة فَنَتَقْت الْجَبَل فَوْقهمْ وَهَذَا السِّيَاق يَدُلّ عَلَى أَنَّهُمْ كُلِّفُوا بَعْد مَا أُحْيُوا . وَقَدْ حَكَى الْمَاوَرْدِيّ فِي ذَلِكَ قَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ سَقَطَ التَّكْلِيف عَنْهُمْ لِمُعَايَنَتِهِ الْأَمْر جَهْرَة حَتَّى صَارُوا مُضْطَرِّينَ إِلَى التَّصْدِيق وَالثَّانِي أَنَّهُمْ مُكَلَّفُونَ لِئَلَّا يَخْلُو عَاقِل مِنْ تَكْلِيف قَالَ الْقُرْطُبِيّ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح لِأَنَّ مُعَايَنَتهمْ لِلْأُمُورِ الْفَظِيعَة لَا تَمْنَع تَكْلِيفهمْ لِأَنَّ بَنِي إِسْرَائِيل قَدْ شَاهَدُوا أُمُورًا عِظَامًا مِنْ خَوَارِق الْعَادَات وَهُمْ فِي ذَلِكَ مُكَلَّفُونَ وَهَذَا وَاضِح وَاَللَّه أَعْلَم .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • المنتقى من منهاج الإعتدال في نقض كلام أهل الرفض والإعتزال [ مختصر منهاج السنة ]

    المنتقى من منهاج الإعتدال في نقض كلام أهل الرفض والإعتزال [ مختصر منهاج السنة ] : هذا الكتاب - منهاج السنة النبوية في نقض دعاوى الرافضة والقدرية - من أعظم كتب الإمام المجاهد شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن تيمية - رحمه الله -، قد رد فيه على شبه الرافضة، وبين فيه بطلان مذهبهم، وشباب الاسلام اليوم بأمس الحاجة إلى قراءة هذا الكتاب، ومعرفة محتواه؛ حيث أطل الرفض على كل بلد من بلاد الإسلام، وغيرها بوجهه الكريه، وكشر عن أنيابه الكالحة، وألقى حبائله أمام من لا يعرف حقيقته، مظهرا غير مبطن ديدن كل منافق مفسد ختال؛ فاغتر به من يجهل حقيقته، ممن لم يقرأ مثل هذا الكتاب، وفي هذه الصفحة اختصار لهذا الكتاب النفيس، اختصره الحافظ الذهبي - رحمه الله -.

    المدقق/المراجع: محب الدين الخطيب

    الناشر: الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء بالرياض http://www.alifta.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/263788

    التحميل:

  • مختصر الخرقي

    مختصر الخرقي : للإمام أبي القاسم عمر بن الحسين بن عبد الله بن أحمد الخرقي المتوفي سنة (334هـ) رحمه الله تعالى. وهذا المتن من أول ماألفه علماء الحنابلة في الفقه، وتلقاه علماء المذهب الحنبلي بالقبول، وعنوا به أشد العناية، لغزارة علمه، مع صغر حجمه، وقلة لفظه. قال ابن البنا في شرحه للمختصر المذكور: " وكان بعض شيوخنا يقول: ثلاث مختصرات في ثلاثة علوم لا أعرف لها نظائر: الفصيح لثعلب في اللغة، واللمع لابن جني في النحو، وكتاب المختصر للخرقي في الفقه، فما اشتغل بها أحد، وفهمها كما ينبغي، إلا أفلح". قال يوسف بن عبد الهادي في الدر النقي: " وانتفع بهذا المختصر خلق كثير، وجعل الله له موقعاً من القلوب حتى شرحه من شيوخ المذهب جماعة من المتقدمين والمتأخرين كالقاي أبي يعلى وغيره.. وقال شيخنا عز الدين المصري: إنه ضبط له ثلاثمائة شرح".

    الناشر: موقع أم الكتاب http://www.omelketab.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/141479

    التحميل:

  • توحيد الأسماء والصفات

    توحيد الأسماء والصفات : في هذه الرسالة ستجد تعريف توحيد الأسماء والصفات. • أهميته. • ثمراته. • طريقة أهل السنة والجماعة في أسماء الله وصفاته. • الأدلة على صحة مذهب السلف. • قواعد في أسماء الله عز وجل. • قواعد في صفات الله عز وجل. • ما ضد توحيد الأسماء والصفات ؟ • الفرق التي ضلت في باب الأسماء والصفات. • حكم من نفى صفة من الصفات الثابتة بالكتاب والسنة. • مسائل أحدثها المتكلمون الكلمات المجملة. • دراسة موجزة لبعض الكلمات المجملة. • وقفة حول المجاز.

    الناشر: موقع دعوة الإسلام http://www.toislam.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/172700

    التحميل:

  • وهم الحب

    وهم الحب : هذه الرسالة صيحة إنذار للغافلين والغافلات، واللاهين واللاهيات، سواء من الشباب والشابات، أو الآباء والأمهات، تبين الأضرار المترتبة على هذا الوهم وآثاره السيئة على الفرد والمجتمع.

    الناشر: موقع صيد الفوائد www.saaid.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/192664

    التحميل:

  • دروس في شرح نواقض الإسلام

    اعلم أيها المسلم أن الله - سبحانه وتعالى - أوجب على جميع العباد الدخول في الإسلام والتمسك به والحذر مما يخالفه، وبعث نبيه محمدا - صلى الله عليه وسلم - للدعوة إلى ذلك، وأخبر - عز وجل - أن من اتبعه فقد اهتدى، ومن أعرض عنه فقد ضل، وحذر في آيات كثيرات من أسباب الردة، وسائر أنواع الشرك والكفر، وذكر العلماء رحمهم الله في باب حكم المرتد أن المسلم قد يرتد عن دينه بأنواع كثيرة من النواقض التي تحل دمه وماله، ويكون بها خارجا من الإسلام، وقد قام فضيلة الشيخ الفوزان - حفظه الله - بشرح رسالة الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - والتي بين فيها بعض هذه النواقض.

    الناشر: مكتبة الرشد بالمملكة العربية السعودية

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/314803

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة