Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة المؤمنون - الآية 99

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) (المؤمنون) mp3
يُخْبِر تَعَالَى عَنْ حَال الْمُحْتَضَر عِنْد الْمَوْت مِنْ الْكَافِرِينَ أَوْ الْمُفَرِّطِينَ فِي أَمْر اللَّه تَعَالَى وَقِيلهمْ عِنْد ذَلِكَ وَسُؤَالهمْ الرَّجْعَة إِلَى الدُّنْيَا لِيُصْلِح مَا كَانَ أَفْسَدَهُ فِي مُدَّة حَيَاته وَلِهَذَا قَالَ " رَبّ اِرْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَل صَالِحًا فِيمَا تَرَكْت كَلَّا " كَمَا قَالَ تَعَالَى " وَأَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْل أَنْ يَأْتِيَ أَحَدكُمْ الْمَوْت - إِلَى قَوْله - وَاَللَّه خَبِير بِمَا تَعْمَلُونَ " وَقَالَ تَعَالَى" وَأَنْذِرْ النَّاس يَوْم يَأْتِيهِمْ الْعَذَاب - إِلَى قَوْله - مَا لَكُمْ مِنْ زَوَال " وَقَالَ تَعَالَى " يَوْم يَأْتِي تَأْوِيله يَقُول الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْل قَدْ جَاءَتْ رُسُل رَبّنَا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاء فَيَشْفَعُوا لَنَا أَوْ نُرَدّ فَنَعْمَل غَيْر الَّذِي كُنَّا نَعْمَل " وَقَالَ تَعَالَى " وَلَوْ تَرَى إِذْ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسهمْ عِنْد رَبّهمْ رَبّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَل صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ " وَقَالَ تَعَالَى " وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّار فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدّ وَلَا نُكَذِّب بِآيَاتِ رَبّنَا - إِلَى قَوْله - وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ " وَقَالَ تَعَالَى " وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوْا الْعَذَاب يَقُولُونَ هَلْ إِلَى مَرَدّ مِنْ سَبِيل" وَقَالَ تَعَالَى " قَالُوا رَبّنَا أَمَتّنَا اِثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتنَا اِثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوج مِنْ سَبِيل " وَالْآيَة بَعْدهَا . وَقَالَ تَعَالَى " وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَل صَالِحًا غَيْر الَّذِي كُنَّا نَعْمَل أَوَلَمْ نُعَمِّركُمْ مَا يَتَذَكَّر فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمْ النَّذِير فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِير " فَذَكَرَ تَعَالَى أَنَّهُمْ يَسْأَلُونَ الرَّجْعَة فَلَا يُجَابُونَ عِنْد الِاحْتِضَار وَيَوْم النُّشُور وَوَقْت الْعَرْض عَلَى الْجَبَّار وَحِين يُعْرَضُونَ عَلَى النَّار وَهُمْ فِي غَمَرَات عَذَاب الْجَحِيم . وَقَوْله هَهُنَا " كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَة هُوَ قَائِلهَا " كَلَّا حَرْف رَدْع وَزَجْر أَيْ لَا نُجِيبهُ إِلَى مَا طَلَبَ وَلَا نَقْبَل مِنْهُ . وَقَوْله تَعَالَى " إِنَّهَا كَلِمَة هُوَ قَائِلهَا " قَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن زَيْد بْن أَسْلَم : أَيْ لَا بُدّ أَنْ يَقُولهَا لَا مَحَالَة كُلّ مُحْتَضَر ظَالِم وَيُحْتَمَل أَنْ يَكُون ذَلِكَ عِلَّة لِقَوْلِهِ كَلَّا أَيْ لِأَنَّهَا كَلِمَة أَيْ سُؤَاله الرُّجُوع لِيَعْمَل صَالِحًا هُوَ كَلَام مِنْهُ وَقَوْل لَا عَمَل مَعَهُ وَلَوْ رُدَّ لَمَا عَمِلَ صَالِحًا وَلَكَانَ يَكْذِب فِي مَقَالَته هَذِهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى " وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ " قَالَ قَتَادَة : وَاَللَّه مَا تَمَنَّى أَنْ يَرْجِع إِلَى أَهْل وَلَا إِلَى عَشِيرَة وَلَا بِأَنْ يَجْمَع الدُّنْيَا وَيَقْضِي الشَّهَوَات وَلَكِنْ تَمَنَّى أَنْ يَرْجِع فَيَعْمَل بِطَاعَةِ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ فَرَحِمَ اللَّه اِمْرَأً عَمِلَ فِيمَا يَتَمَنَّاهُ الْكَافِر إِذَا رَأَى الْعَذَاب إِلَى النَّار وَقَالَ مُحَمَّد بْن كَعْب الْقُرَظِيّ " حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدهمْ الْمَوْت قَالَ رَبّ اِرْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَل صَالِحًا فِيمَا تَرَكْت " قَالَ فَيَقُول الْجَبَّار " كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَة هُوَ قَائِلهَا" وَقَالَ عُمَر بْن عَبْد اللَّه مَوْلَى غَفِرَة : إِذَا قَالَ الْكَافِر" رَبّ اِرْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَل صَالِحًا " يَقُول اللَّه - تَعَالَى - كَلَّا كَذَبْت وَقَالَ قَتَادَة فِي قَوْله تَعَالَى " حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمْ الْمَوْت " قَالَ كَانَ الْعَلَاء بْن زِيَاد يَقُول : لَيُنْزِلَنَّ أَحَدكُمْ نَفْسه أَنَّهُ قَدْ حَضَرَهُ الْمَوْت فَاسْتَقَالَ رَبّه فَأَقَالَهُ فَلْيَعْمَلْ بِطَاعَةِ اللَّه تَعَالَى . وَقَالَ قَتَادَة : وَاَللَّه مَا تَمَنَّى إِلَّا أَنْ يَرْجِع فَيَعْمَل بِطَاعَةِ اللَّه فَانْظُرُوا أُمْنِيَّة الْكَافِر الْمُفَرِّط فَاعْمَلُوا بِهَا وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاَللَّهِ . وَعَنْ مُحَمَّد بْن كَعْب الْقُرَظِيّ نَحْوه . وَقَالَ مُحَمَّد بْن أَبِي حَاتِم حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن يُوسُف حَدَّثَنَا فُضَيْل - يَعْنِي اِبْن عِيَاض - عَنْ لَيْث عَنْ طَلْحَة بْن مُصَرِّف عَنْ أَبِي حَازِم عَنْ أَبِي هُرَيْرَة قَالَ : إِذَا وُضِعَ - يَعْنِي الْكَافِر - فِي قَبْره فَيَرَى مَقْعَده مِنْ النَّار قَالَ فَيَقُول رَبّ اِرْجِعُونِ أَتُوب وَأَعْمَل صَالِحًا قَالَ فَيُقَال قَدْ عَمَّرْت مَا كُنْت مُعَمِّرًا قَالَ فَيُضَيَّق عَلَيْهِ قَبْره وَيَلْتَئِم فَهُوَ كَالْمَنْهُوشِ يَنَام وَيَفْزَع تَهْوِي إِلَيْهِ هَوَامّ الْأَرْض وَحَيَّاتهَا وَعَقَارِبهَا . وَقَالَ أَيْضًا حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا عُمَر بْن عَلِيّ حَدَّثَنِي سَلَمَة بْن تَمَّام حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن زَيْد عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب عَنْ عَائِشَة رَضِيَ اللَّه عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ : وَيْل لِأَهْلِ الْمَعَاصِي مِنْ أَهْل الْقُبُور تَدْخُل عَلَيْهِمْ فِي قُبُورهمْ حَيَّات سُود أَوْ دُهْم حَيَّة عِنْد رَأْسه وَحَيَّة عِنْد رِجْلَيْهِ يَقْرُصَانِهِ حَتَّى يَلْتَقِيَا فِي وَسَطه فَذَلِكَ الْعَذَاب فِي الْبَرْزَخ الَّذِي قَالَ اللَّه تَعَالَى " وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخ إِلَى يَوْم يُبْعَثُونَ " . وَقَالَ أَبُو صَالِح وَغَيْره فِي قَوْله تَعَالَى " وَمِنْ وَرَائِهِمْ " يَعْنِي أَمَامهمْ . وَقَالَ مُجَاهِد : الْبَرْزَخ الْحَاجِز مَا بَيْن الدُّنْيَا وَالْآخِرَة . وَقَالَ مُحَمَّد بْن كَعْب : الْبَرْزَخ مَا بَيْن الدُّنْيَا وَالْآخِرَة لَيْسُوا مَعَ أَهْل الدُّنْيَا يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ وَلَا مَعَ أَهْل الْآخِرَة يُجَاوِزُونَ بِأَعْمَالِهِمْ . وَقَالَ أَبُو صَخْر : الْبَرْزَخ الْمَقَابِر لَا هُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَا هُمْ فِي الْآخِرَة فَهُمْ مُقِيمُونَ إِلَى يَوْم يُبْعَثُونَ . وَفِي قَوْله تَعَالَى " وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخ " تَهْدِيد لِهَؤُلَاءِ الْمُحْتَضَرِينَ مِنْ الظُّلْمَة بِعَذَابِ الْبَرْزَخ كَمَا قَالَ تَعَالَى " مِنْ وَرَائِهِمْ جَهَنَّم " وَقَالَ تَعَالَى " وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَاب غَلِيظ " وَقَوْله تَعَالَى " إِلَى يَوْم يُبْعَثُونَ " أَيْ يَسْتَمِرّ بِهِ الْعَذَاب إِلَى يَوْم الْبَعْث كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيث " فَلَا يَزَال مُعَذَّبًا فِيهَا " أَيْ فِي الْأَرْض .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • الإرشاد شرح لمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد

    لمعة الاعتقاد : رسالة مختصرة للعلامة ابن قدامة المقدسي - رحمه الله - بين فيها عقيدة أهل السنة والجماعة في الأسماء والصفات، والقدر، واليوم الآخر، وما يجب تجاه الصحابة، والموقف من أهل البدع، وقد قام عدد من أهل العلم بشرحها وبيان معانيها، ومن هؤلاء فضيلة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين - رحمه الله - في كتابه الإرشاد شرح لمعة الاعتقاد.

    الناشر: دار طيبة للنشر والتوزيع

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/313420

    التحميل:

  • الرسول زوجًا

    رسالة تحتوي على عدة مقالات، وهي: - كيف كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يعامل زوجاته؟ - التلطف والدلال مع زوجاته. - فن صناعة الحب. - رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جميل العشرة. - حلمه - صلى الله عليه وسلم - عن إساءتهن. - وفاؤه - صلى الله عليه وسلم -. - عدله - صلى الله عليه وسلم - بين أزواجه. - حثه - صلى الله عليه وسلم - الرجال على حسن معاشرة أزواجهم. - وقد وضعنا نسختين: الأولى مناسبة للطباعة - والثانية خفيفة للقراءة.

    الناشر: موقع رسول الله http://www.rasoulallah.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/233609

    التحميل:

  • تذكرة المُؤتسي شرح عقيدة الحافظ عبد الغني المقدسي

    تذكِرةُ المُؤتَسي شرح عقيدة الحافظ عبد الغني المقدسي: قال المصنف - حفظه الله -: «فهذا شرحٌ مُبسَّط، وبيانٌ مُيسَّر لكتاب الحافظ أبي محمد تقيِّ الدين عبد الغني بن عبد الواحد بن علي بن سرور المقدسي الجمَّاعيلي الصالحي - رحمه الله -، الذي ألَّفه في بيان المعتقد الحق: معتقد أهل السنة والجماعة».

    الناشر: موقع الشيخ عبد الرزاق البدر http://www.al-badr.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/344686

    التحميل:

  • أخطاء في أدب المحادثة والمجالسة

    أخطاء في أدب المحادثة والمجالسة : ما أحرانا - معاشر المسلمين - أن تكون أحاديثنا ومجالسنا عامرة بالجد والحكمة، حافلة بما يعود علينا بالفائدة والمتعة، بعيدة عما ينافي الآداب والمروءة. وإن مما يعين على ذلك أن تلقى الأضواء على مايدور في مجالسنا وأحاديثنا من أخطاء؛ كي تُتلافى ويُسعى في علاجها، وفي مايلي من صفحات ذكرٌ لبعض تلك الأخطاء؛ تنبيهاً عليها، وحفزاً لمن وقع فيها أن يتخلص منها.

    الناشر: موقع دعوة الإسلام http://www.toislam.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/172579

    التحميل:

  • الاستذكار لشأن وآثار الاستغفار

    الاستذكار لشأن وآثار الاستغفار: قال المؤلف: «فهذه تذكرةٌ بشأن الاستغفار تتضمن بيان معناه، وما يتحقَّق به وهدي النبي - صلى الله عليه وسلم - فيه، والإشارة إلى جملة من فضائله الجليلة وعواقبه الحسنة على المستغفِر وغيره في العاجل والآجِل».

    الناشر: شبكة الألوكة http://www.alukah.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/330344

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة